[font=Arial]بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ
شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ "
وحين يكون الخطاب بلغةٍ ترغيب رقيقة .
حديثٌ عن ضدين [ العذاب والرحمة ] والعدالة الإلهية حاضرة قائمة بينهما !
تنتابني لحظة صمت وأنا أتلو هذه الآية ،
ولا تسعفني أيةَ مفردة تليق ..
أنتهي وأنا أتمتم باطمئنانٍ وأمانٍ تام : سبحانه أعدل العادلين ، وأرحم الراحمين ، وأغفر الغافرين .
سبحانه ؛
مذ كنتُ صغيرة أتوقف حينما أسمع " أرحم من الأم بولدها " وتأخذني هذه الأحرف المزخرفة بعظيم المعنى بعيدًا بعيدًا.
كيف لا يكون ؟!
وهو قد شمل العالمين وكل .. كل شيءٍ برحمته جلّ شأنه .
ثمّ اقتصر العذاب على من يشاء ُ من عباده !
وكم في هذه المشيئة من علو وارتفاع بالدرجات ،
حتى عذابُه سبحانه رحمات وبركاتٌ وهدايا تحمل الكثير من الخير .
أحبكَ ربي . " أروى عبد الله "
حين تطالع رقماً إحصائياً لمجازر ، وحين تعرف وضعاً مأسوياً بسبب استبداد نظام ، أو تقرأ تقريراً عن كوارث ترتبت جراء حرب عشوائية ، أو حين تشاهد ذوي النفوذ أنهم عبارة عن ظُهورٍ غريبة وضعت عليها سُرج الفرسان ، وحين توقن أن هناك نجاحات لن تصل لها بالطرق المشروعة ، أو على الأقل بالطرق التي تضمن لك آدميتك ، وحين ترى البريق الدنيوي يحف الأقل شأن من الكثير ممن يستحق التبجيل ، وحين يتبين لك أن الأكثر تعلماً ، ومصداقيةً ، وتنوراً ، وتحرراً ، هو الأبعد عن معطيات التحفيز والتكريم ، وحين ترى الأقل علماً وأدباً و تحضراً قد تربع اسمه على أكتاف الأبناء ، وحين يتضح لك أن إتاحة الفرجة للضوء تعني أنك أتحت لنفسك فرصة التغييب ، وحين تتبدل المسميات ويتقلد الأبله الألقاب ، ويوصم العالم بمحيي التراث البائد ، ويُشرف المتمرد على القيم بلقب المصلح لمسار التخلف ، وحين يستسيغ الإنسان الناقة الحُبلى ، ويَغصُ بالماء ، وحين تصبح الممنوحات والمتاحات لحريتك ممنوعات ، والبعض له الممنوعات ممنوحة بل مشروعة، وعند تبلد الإحساس أمام النكبات ، وسيلان الدموع أمام موقف تمثيلي لا يعدو كونه من مهرج أجاد استمالة دموع أصبحت تراق بغير اعتبار لجلالة الدمعة ، كل ما سبق ذكره ، وكل مخالف للفطرة والشرع والعقل لم يذكر يجعلني استحضر جيداً بعض الآيات
{ وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب ، وإن الدار الآخرة لهي الحيـوان لو كانوا يعلمون }
{ وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون }
{ إنما الحياة الدنيا لعب ولهو ، وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسألكم أموالكم }
{ اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد }
ما سبق من الآيات وغيرها الموجود في القرآن أبانت لي أنه لا يمكن لحياة غلبها اللهو واللعب أن نحكم منطقنا وعقلنا كثيراً لما تجعله أمام بصائرنا ، فكما أننا لا نلوم الطفل الذي يلهو ويلعب بألاعيبه حال خرب أو كسر أو مزق ، فكذا لعبة الدنيا ، وجميل أن نأخذها بهذا الاعتبار ، اعتبار أنها لا تعدو كونها لعب ولهو بالميزان وبما تعطيه من اعتبار
أظن أن حالة من الرضا والاطمئنان وجدته بعد هذا المعنى . .
تنبيه :
لا أعني أبداً أن هذا يعني "الدروشة" و"اللامبالاة " وتأييد للتقاعس ، لا فالذي أبان لنا لهوها وألاعيبها ، أبان لنا {خذ الكتاب بقوة} و" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف".. " يوسف الهذلول "
( ولقد آتينا داوود وسليمان علما ...)
لا نجاح في الحياة وتفوق حضاري من غير علم , ولايمكن للمسلم أن يخدم الإسلام إلا إذا كان متفوقا في طلب العلم لأن ذلك من صميم الإسلام ورسالة إقرأ .
( وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين )
الحمد منهم لتفضيله إياهم بالعلم ورزقهم ميزة هامة أخرى هي الاعتزاز بالعلم وإدراك هذه النعمة وحمده عليها فالأمة التي لاينجح أبنائها في الامتحان إلا بالغش ويكون كل همهم نيل الشهادة لاتدرك قيمة العلم ولايمكن لهكذا أمة أن تنهض وتنافس بقية الأمم . . " لفح القفار "
يقول تعالى: (و لا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم و إياهم).
و يقول سبحانه: (و لا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم).
لماذا قال الله في الأولى (من إملاق) و كان الضمير في (يرزقكم) يعود على الآباء و قال في الثانية (خشية إملاق) و كان الضمير في (نرزقهم) يعود على الأبناء؟
عبر الله بذلك لأن (من إملاق) تعني بسبب الفقر و هو واقع في الحاضر فالذي يخاف من الفقر هم الآباء فيقول الله لهم لا تقتلوا أولادكم بسبب فقركم فنحن من يرزقكم! وقال في الأخرى (خشية إملاق) يعني أنكم تخافون من فقر الأولاد في المستقبل فلا تقتلوهم نحن نرزقهم!! .. " عندي حنين "
عجبًا لمن يبحثون عن الحقيقة ! وهي أمامهم رأي العين ،
فليسألوا أنفسهم من الذي رفعَ السماءَ بلا عمدٍ نراها ؟!
من الذي بسط الأرضَ الحرِكة ونصبَ الجبال الشاهقة عليها ومدّ البحار من فوقها إلى عمقها
بل من الذي حرسها هذه الصغيرة وثبتها في كونهِ الشاسع المهيب !
من الذي أنشأك أيها الإنسان
وخلق السمع والبصر والفؤاد ؟!
وجعلكَ مسؤولاً عنها فلم تكن حواسكَ عبثية ، كلا !
وهنا تكمن قيمتك " كإنسان "
وينكرالحقيقة العظمى من يعلمها تمامًا " اليهود والنصارى " !
لكنّ عجبي لاينقضي حين ينكرُ هذا بعضَ من كانوا يسمّون أبناء الإسلام !
وحين خرجت بينهم ماتسمى " موضة الإلحاد "
عافنا " يــا رب "
وثبت قلوبنا ، وأنزل علينا رحماتكَ كيلا نزيــغ !
" فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ المُمْتَرِينَ"
يقول الشاعر عبد الله السفياني :
( لا معبود بحق إلا الله ) ..
رددها في سمع الكون فؤادي
فانبجست أنوارا ..
تقتحم العاتي من أسوار الشيطان
ومن أسوار الخوف ..
ومن أسوار الظن الكاذب ..
لتحرر نفسي من رقٍ " إلا الله " إلا الله ..!
...
فبربك ماالحياة في بعدٍ عن الله ؟! .. "أروى عبد الله "
هذا الحزن العميق الذي يجثمُ على صدر المكان
ماكان ليكون مصادفة عبثية
فابتدأ دون أن ينتهي ؛
ليسَ شرطًا أن تتشابه البدايات والنهايات
وليس دائمًا حين تبدأ أسطورة حزن يأتي عليها يوم فتصبحُ ضمن مخلفات الذكريات المريرة دون أدنى فرحة تحويها !
ما يمكن البت فيه هو أن المحن إذا لازمها تقوى وصبر
خلصت النهاية ولا محالة إلى فلاحٍ وسعادة .
وفي قصة يوسف عليه السلام عبرةً لأولي الألباب .
فهو الذي حيكت له أصعبُ الدوائر
وماكان الله ليضيعَ أجره إذ كان تقيًا صابرًا محسنًا صادقًا
فكان مباركًا .. ولا أدل على هذا إلا أن كشف الله بهِ ضرّ أبيه فاتردّ بصيرًا .
سبحانكَ ربي ما أحكمك :
" لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ " ... " أروى عبد الله "
وحين تلجُ أرواحنا الأوامر الإلهية نجدها تحملٌ كمًا عظيمًا من المعاني الراسخة
معانٍ بحثنا عنها وعبثًا بحثنا !
هي أحوج ما نكون إليها في ظلّ العصر الراهن ..
هذا العصر المتشبع تمامًا ولا يزال !
كثُرت فيه المحن وادلهمّت الخطوب في كل حدبٍ وصوب وتساقطت كقطرِ المطر على بقاعٍ شتى فتنةً تلو أخرى !
لكن ثمّة أشخاص هم أصحاب مبادئ بل هم أصحاب الإيمان ..
لاتغيرهم النوازل ولا تخالطُ فكرهم الظنون ولا يخشون الدوائر مهما كانت صعوبتها بمكان
متمسكينَ بحبلٍ متين كيف لا وهو ماصنع من قوة اليقين
تلك القوة التي تحمل في كنفها تسليمٌُ ورضاء وأملُ ُ بالله عظيم ووعدٌ بالنصر والتمكين
حين تشعرُ أيها الإنسان بكربٍ شديد
أبحر طويلاً طويلاً في قولهِ تعالى
" يايحيى خذِ الكتاب بقوة "
ستجدُ سلوانك حتمًا .. " أروى عبد الله "
[/font]