كريمالسوفي
فــــريــــق الإدارة
المشاركات : 465 النشاط : 1273 السٌّمعَة : 4 سجل في : 31/08/2009 أوسمة العضو :
| موضوع: قصة رمزية حول عالم الرياضة السبت نوفمبر 14, 2009 2:22 pm | |
| جلد العنزة
تصرخ المرأة التي ربتها وتملأ الوادي عويل ، يسارع زوجها مواسياً : ربنا أراحها من العذاب قالت باكية : الشيء الذي يحز في نفسي ، أنها لم تنجب لنا عنزة واحدة : العوض علي الله كانت لتلك المرأة عنزة لم تلد بطناً واحدة ولم يمتلئ ضرعها يوما باللبن ، علي الرغم من رعيها مع القطيع الكلأ ، إلا أنها ظلت هزيلة ، تجنبتها التيوس ولم يمارس معها أي فحل فنون الغزل ، في عام الجدب أصابها الجرب ، دهنوها بالقار وعزلوها بجوار شجرة بلوط جرداء ، تساقط شعرها المسترسل وزرته الريح في يوم عاصف فوق أشواك الوادي ، أصبح جلدها شفافاً ، يشع ضوء ً بألوان الطيف السبع في الليالي القمرية ، كل من يشاهدها ، يستطيع أن يري أعضائها الداخلية ساعة الاحتضار ، انتقل خبرها بين الأمصار ، يتجمع حولها الرعاة صباحاً ومساءً، يلتمسون من العنزة المقدسة البركة ويبكون 0! ، ماتت وحيدة مقطوعة الأثر أمام عتبة الخيمة في جنح الظلام و بعيداً عن أعين الرعاة ، سلخ الرجل جلد العنزة وفي الصباح نشره في أشعة الشمس بعد أن زرَّ عليه قليلاً من ملح الطعام جلس الزوجان القرفصاء ، بينما كان يتدبران أمر تلك المصيبة ويفكران في مراسم دفن جثة الفقيدة وإذا بغراب ينعق من فوق شجرة قريبة ، أعلن للآكلات الجيف عن موت العنزة المريضة ، لم تمضي إلا لحظات حتى حامت فوق رأسهم طيور جوارح قالت خائفة : ادفنها في مكان بعيد عن الخيمة دفن الرجل أشلاء العنزة بطن الأرض ووضع علي قبرها شاهداً خشبياً لتتعرف عليه الأجيال ووفود الزائرين ، دوائر سوداء من طيور شتي تحوم حول قبرها صمت الزوج ثم راح في غيبوبة التفكير العميق ، ربما يفلح في اقتناص فكرة من الذاكرة يسعد بها امرأته الحزينة ، نظر إليها مبتسماً بعد أن اهتدي إلي حيلة خبيثة : لقد واتتني حيلة بارعة نستبدل بها خسارتنا في العنزة بثروة كبيرة قالت منشرحةالصدر : كيف 00!!؟ : نبيع جلدها في صالة مزاد القرية السياحية ونجعل قبرها مزارا دينياً مقدساً قالت غير مقتنعة بالفكرة : جلدها عديم القيمة ، والرعاة يعرفون قصتها : نختلق لها حكاية أسطورية : مثل حكايات الغول والعنقاء : أي عنقاء يا جاهلة00!!؟ : قل لي كيف تقنع الناس بقصتها ؟ : نحكي لهم مثلاً 00 أنها عنزة مقدسة 00من سلالة مباركة 00 أبوها وأمها كانا من الناجين أيام طوفان سيدنا نوح ، هبطت علينا من السماء كطائر بدون أجنحة مرتدية ملابس رواد الفضاء ، كانت تحكي لنا بعض الأسرار الكونية وتخبرنا بموعد كسوف الشمس وخسوف القمر ولذلك يشع جلدها أنواراً بألوان الطيف السبع في الليالي القمرية : هل جننت يا رجل !!؟ من يصدق هذا الهراء ، الأفضل أن تجعل قبرها مقاماً مثل مقامات الأولياء ، يزوره الناس طلباً للمدد ويضعون علي أعتابه القرابين : أي مقام يا متخلفة !! الناس لم يعد يستهويهم إلا الأشياء الغريبة ، فعلينا إذاً اغتنام تلك الفرصة وبيع جلد العنزة لرواد القرية السياحية يوم " الكرنفال " السنوي : والله ما أنا فاهمة تلك الحيلة 00 أخبرني بدوري في هذه اللعبة دخلت الزوجة الحفلة التنكرية مرتديةَ جلد العنزة كاشفة الصدر والساقين ، تحمل علي محفة من قطيفة حمراء كتيبات صغير مدون به السيرة الذاتية للفقيدة وشروط المزاد ، تجولت في أركان الصالة تعرض بضاعتها، كل من يشاهدها يري مفاتنها الداخلية ، تنتشر رائحة عفنة في أرجاء المكان ، يقاومها حملة المباخر برائحة العود والعنبر في كل اتجاه ، ثم بدأ المهرجان المنقول علي الهواء عبر الأقمار الصناعية، عزفت الموسيقي ألحاناً شرقية و أطفأت الأنوار ، أوقد في الصالة اثني عشرة شمعة، مثبَّتة علي شمعدان ذو ثلاث شعب ، أضاء نور خافت الأركان المظلمة ، سارع المصورون بالتقاط الصور التذكارية ، عكست الرقعة العجيبة برق آلات التصوير علي الوجوه أنواراً فسفورية ، صاحوا مبهورين : يا سبحان الله شق الزوج طريقه إلي رقعة الجلد العجيبة بصعوبة ، لم تتعرف عليه امرأته من أول وهلة ، كان مرتدياً ذقناً مستعاراً وسروال فضفاض أشبه بشيوخ القبائل الهمجية ، خاطب المرأة بصوت جهوري : يا أمة العرب 00 أبغي شراء هذه الرقعة بعشرة آلاف دينار هب شيخ غاضب ، رفع حاجبه ثم قال : لن يشتريها إلا أنا 00 سوف أدفع فيها ما يزيد علي عشرون ألف " دولار " وقف شيخ آخر وقور ، قبل أن يشارك في المزاد داعب لحيته متبسماً : أنا الذي اشتريها وادفع ثمناً لها زيادة عما عرضوا خمسون ألف " دولار " ارتفعت حرارة المنافسة وتباري المزايدون في رفع السعر ، كلهم يصرَّ ون علي الفوز بهذه الرقعة ولو بحد السيف بينما كان الزوجان يتأهبان لجني ثمار خطتهما البارعة وإذا بجنود لا قبل لهم بها تهبط عليهم من السماء ، الجنود مرتدية ذي أولاد " عنان " السوداء ، مرسوم عليها دوائر زرقاء يتوسطها نسر فارد جناحيه يحتوي الكرة الأرضية وفي منقاره غص زيتون أخضر ظن الرجل أنهم من رواد الحفلة التنكرية ، غمز بطرف عينه لامرأته ، أن أدخليهم في اللعبة المسلية ، خاب ظنه لما سمع دوي الطلقات النارية ورأي الوادي تحاصره من الجهات الأربع البوارج والدبابات والطائرات الحربية، أعلن قائدهم أن العنزة المقدسة عنزتهم ، وارد اسمها ضمن أسماء رواد المكوك الفضائي الذي انفجر عند انطلاقه سيطر الرعب علي أهل الوادي وزوَّار العنزة المقدسة فتجردوا من ثيابهم وساروا و الأيدي مرفوعة فوق الرؤوس علي ساحل القرية التي كانت آمنة ، ألقوا بأنفسهم في مياه البحر المالحة تاركين الزوجان في العراء ، تقدمت الجنود منهم ، نزعت عن المرأة جلد عنزتها دون مقاومة وكبلت الرجل في جزع نخلة مكشوف العورة ، صرخا في الوادي طلباً للنجدة 00 لا حياة لمن تنادي فالرعاة متفرقون في المراعي ، يشاهدون الأحداث المتتابعة علي شاشات التلفاز ويصفقون | |
|